مواقيت الحج.. تعرّف على التفاصيل الزمانية والمكانية للرحلة الأسمى
نظراً لأن بيت الله الحرام معظّم مشرّف فقد جعل الله له حصناً وهو مكة، وحمىً وهو الحرم، وللحرم مواقيت لا يجوز لمريد الحج أو العمرة تجاوزها إليه إلا بالإحرام، تعظيماً لله تعالى، ولبيته الحرام.
وتنقسم مواقيت الإحرام المحددة لقاصدي المسجد الحرام بنية تأدية الحج والعمرة إلى قسمين، هما المواقيت الزمنية التي حددها الله تعالى تعظيماً وحرمة لبيته الحرام، في قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، والهدف هو تجنب كل ما يخل بالحج من الأقوال والأفعال المحرمة والانشغال بفعل الخيرات وملازمة التقوى.
وتبدأ المواقيت الزمنية في شهر شوال وتتواصل إلى شهر ذي القعدة وعشر من ذي الحجة، أما المواقيت المكانية، فقد حددها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في 5 مواقع مختلفة باتجاه مكة المكرمة، وهي المواقع التي لا يجوز للحاج أن يتعداها إلى مكة بدون إحرام، وقد بينّت كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة، متفق عليه، ولمسلم من حديث جابر: “ومهل أهل العراق ذات عرق”.
ويُعد ميقات “ذي الحليفة” ميقاتاً لأهل المدينة المنورة، ومن على طريقهم ويبعد عن مكة 450 كلم، وسمي بالحليفة نسبة لتصغير نبت “الحلاف” الذي اشتهر بكثرته في الموقع، ويقع مسجده شمال مكة المكرمة، ويبعد عن المسجد الحرام 433 كلم، ويرتفع موقعه عن مستوى سطح البحر بـ 640 متراً، وميقات “الجحفة” الواقع في الشمال الغربي من مكة المكرمة، والجنوب الشرقي من مدينة رابغ، ويحرم منه أهل الشام ومصر والمغرب وعموم حجاج إفريقيا ومن أتى على طريقهم، ويبعد عن مكة المكرمة 180 كلم، واستبدل عنه بميقات آخر في رابغ القريبة منه بمسافة 17 كلم، ثم أعادت حكومة المملكة إحياء ميقات الجحفة، حيث بني فيها جامع كبير مجهز بالمرافق العامة والخدمات.
أما ميقات “قرن المنازل” فيعرف الآن (بالسيل الكبير) وهو ميقات أهل نجد وأهل الخليج ومن أتى على طريقهم، ويقع شمال الطائف بـ 55 كلم، بارتفاع 1200م عن سطح البحر، ويبعد عن مكة المكرمة مسافة 75 كلم تقريبا، ويضم مسجداً مجهزاً بجميع الخدمات التي يحتاج إليها المعتمرون والحجاج، ويحتوي على مواقف واسعة للسيارات، ومساحات خضراء، وخزانات للمياه، ودورات مياه.
وبخصوص حجاج الطائف وجنوب المملكة وحجاج اليمن الحجازي، فيحرمون من أعلى السيل، من المسجد المعروف بـ”وادي محرم”، ويقع في الشمال الغربي من الطائف، ويبعد عنها مسافة 10 كلم، حيث اجتهد العلماء وحددوه ميقاتاً أعلى للقرن، وذلك عند إنشاء طريق “الهدى”، ويتميز بموقعه المرتفع عن سطح البحر بـ2000 متر، وميقات “يلملم” القديم ويرجع اشتقاق مسماه نسبة إلى “جبل لملم” حسب نطق قاطنيه، ويقع المسجد الجديد للميقات المسمى (بالسعدية) جنوب مكة المكرمة وإلى الجنوب الغربي من المسجد القديم، ويبعد عن مكة حوالي 130 كلم، وعن موقع الميقات القديم 21 كم، ويقع على الضفة الشمالية لوادي “يلملم” بالقرب من بئر السعدية، ويرتفع عن مستوى سطح البحر 60 متراً، ويعد ميقاتاً لأهل تهامة والساحل اليماني ومن في طريقهم وحجاج إندونيسيا وماليزيا والصين والهند، وغيرهم من حجاج جنوب آسيا، حيث يحتوي على مرافق خدمية من دورات مياه، ومحطتي معالجة لتحسين مياه الشرب، وتدوير مياه المواضئ، كما يضم مواقف للسيارات، ومساحات خضراء، ومولدات كهربائية إحتياطية.
ويعود مسمى ميقات “ذات عرق”، إلى جبلٍ يقدر ارتفاعه 1141 متراً عن مستوى سطح البحر، ويعلوه “عرق” أسود بامتداد نحو 1500 متر من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي، وهو ميقات أهل العراق وشمال المملكة ويقع شمال شرق مكة المكرمة.
كما عملت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في عام 2019 على إعادة إحياء مشروع تأهيل “ذات عرق”، الذي تقدر تكلفة إكماله بـ68 مليون ريال، ويحتوي على جامع كبير يتسع لأكثر من 4000 مصلّ، ومغسلة للموتى، ويبلغ عدد دورات المياه 256، “182” للرجال و”74″ للنساء، على أن يكون منها عدد يخدم الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، فيما يبلغ عدد المواضئ “208” للرجال والنساء، إضافة إلى المحلات التجارية البالغ عددها 21 لتلبية حاجة الحجاج والمعتمرين.